السبت، نوفمبر 03، 2012

خرافة اسمها #الرازم #اليمن


من المعروف في اليمن ان الاشخاص الذين يتعاطون القات لفترات طويلة، تصيبهم حالات غريبة عند انقطاعهم عن تناوله فجأة،تسمى ب ( الرازم ) و هو ما يعرف بشلل النوم، اي صعوبة الاستيقاظ و العمل و الاحساس بالفتور المصاحب للاكتئاب بسبب الفراغ الكبير الذي يخلفه الانقطاع عن القات، هذا الاحساس يتفاوت من شخص لاخر حسب درجة تعاطيه لهذه النبته المنشطه.
و بسبب هذه الحالة تولدت حكايات و روايات شبه خرافية عندنا في اليمن تختلف حسب كل منطقة، منهم من يقول انه يشعر بالفتور، و الاخر يقول انه يسمع اصوات غريبة و هلوسات، او يرى في المنام كوابيس، او صعوبة في النوم، او عدم القدر على الحركة، و هو ما يعرف عندنا في عدن خصوصا ب ( الدكاك )، و هذا كله قد تكون اشياء طبيعية، نتيجة المنشطات التي تفرزها هذه النبته في جسم المتعاطي، لكن الشيء الغير طبيعي هو ان تتحول هذه الاعراض الى حكايات غريبة اسطورية يتحول فيها ( الرازم ) الى شخصية خيالية تأتي للشخص المنقطع عن القات باشكال مختلفة لتعاقبه على سبب تركه لها، هذه الخرافات موجوده و يؤمن الكثير من المخزنيين ( المخزن هو الشخص المتعاطي للقات ) بهذه الفكرة، البعض حولها الى حالات تصل الى حد ان الرازم ( يتحرش جنسياً ) بمن ترك تناول القات!!، و هذا طبعا لا يقبلها العقل، طبعا هذه القصص و غيرها، يتحجج بها من لا يريد ترك تناول القات بسبب خوفه ( المزعوم ) من مثل هذه الحالات!.
يوم امس الجمعة كانت اول جمعة منذ فترة طويلة لا اتعاطى القات فيها، فوجدت ان الكثير  من الاصدقاء على تويتر يحذرني من ( الرازم )، و انني يجب ان انتبه لنفسي، او ان ابقى صاحي طوال الليل لكي لا يأتي الرازم! و يعمل معي مثل ما عمل مع غيري، اللي لا أنا و  لا هم حتى نعلم ما الذي فعله هذا الرازم مع من ترك تعاطي القات قبلي، و لكنها روح الخرافة التي يؤمن بها الكثير و ان غلّفها بطريقة مضحكه.
لا انكر انني اصبت بالهلع لبعض الوقت، لكني قررت الا استسلم لهذا الرازم و ان افهم ماهيته الخفيه لكي استطيع مواجهته، فبدأت بسؤال الاشخاص الذين اصابتهم هذه الحالة فعلا، و بعد بحث عميق اكتشفت ان ( الرازم ) ما هو الا حالة فيزلوجيا تصيب جسم المتعاطي بسبب نقص المادة المنشطة التي كان يستمدها من تناول القات، فتصيبة بالاعراض التي ذكرتها في بداية تدوينتي، و كل القصص التي تحكى على ما يفعله الرازم بالاشخاص المنقطعين ما هي الا خرافة نسجها المخزنيين انفسهم لعدم قدرتهم على تفسير الحالة الجسمانية الصعبة التي تصيبهم عند التوقف عن التعاطي.
مثل الرازم مثل كثير من الاحداث و القصص الخرافية التي تنتشر في مجتمعاتنا و التي لم يستطع من سبقونا تفسير سبب حدوثها بسبب جهلهم او عدم رغبتهم في معرفة حقيقتها، فتحولت الى اساطير يتداولها الاجيال جيل خلف جيل حتى تحولت الى تراث و عادات و تقاليد، تحكم حياتنا و ان لم نؤمن بها لمعرفتنا بانها مخالفة للفطرة السليمة.
احكي لكم قصة قديمة اختم فيها تدوينتي و هي تدلل على كلامي السابق، و انا صغير حكت لي جارتي قصة عن مواليد برج الحمل، انه عند موتهم و بعد دفنهم في المقبرة يبقى اقرباء الميت عند قبره ثلاثة ايام يتناوبون على حراسة القبر ليلاً و نهاراً، خوفاً من حيوان ( الحمل ) الذي تفيد الاسطورة بانه يأتي ليأخذ جثمان الميت ( يأخذه فين؟ الله واعلم ) و مهمتهم تكون منعه فاذا عدت الثلاثة ايام و لم ياتي الحمل عادوا الى بيوتهم، الى هنا تنتهي الحكاية الخرافية او هذا ما اعتقدته عندما حكتها لي، لكني بعد عشرة سنوات من هذه القصة كنت استمع بصدفه الى الراديو لبرنامج فتاوى من اذاعة صنعاء، يسأل فيه شخص الشيخ ( سبع البرمبا ) عن صحة هذه القصة لان معاهم شخص مات من اقاربه و هو من مواليد برج الحمل، فاجابة الشيخ بكل برود بان القصة صحيحة و علية الذهاب لحراسة قبر قريبة لمدة ٣ ايام!!!، نقطة انتهت التدوينة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق