الأربعاء، أبريل 17، 2019

أين يقف المجلس الإنتقالي الجنوبي؟

‏مجرد مقالة عن أحداث مرت علينا هذا الأسبوع و لم أستطع وضعها على جنب...

‏هل بعترف المجلس الانتقالي الجنوبي بشرعية الرئيس هادي ؟  و كل المؤسسات الممثلة لهذه الشرعية؟ أما إنه اعتراف جزئي فقط؟

إن عدم إعتراف المجلس الإنتقالي بالمؤسسات الشرعية التي يبني هادي بها شرعيته، تعني بأنه لا يعترف ضمنيا بشرعيته كرئيس شرعي.

و هذا تناقض واضح للعيان، إن إنعقاد البرلمان اليمني سوى كان في سيئون أو في عدن أو في مأرب من ووجهة نظر سياسية، كانت ضرورة اقليمية و دولية ملحة لتقوية شرعية هادي و اثبات بأن المؤسسة التشريعية صاحبة الأعضاء الأكثر تقف معه و تقوي شرعيته.

‏أمام إنتخابات تكميلية كان يقوم بها الحوثي في الشمال تزامنا مع انعقاد البرلمان في سيئون، و ردود الفعل الدولية كانت واضحة و تعطي انطباع بأنها خطوة مطلوبة لتقوية مكانة تلك الشرعية المستقرة في فنادق الرياض..إذا فإن المسالة هي سياسية و إجراءات شكلية ضرورية كان يجب أن تقوم بها الحكومة الشرعية و الدول الراعية لها.

‏الآن نأتي على إختيار موقع الإنعقاد و أظن الجميع متأكد بأنه إختيار خالص من الرئيس هادي سوى كان تحت ضغط حزب الإصلاح او نائبه على محسن او السعودية ..الخ من التكهنات فهي كانت نتيجة متوقعة و طبيعية و رسالة ايضا بأن لدينا مناطق بالجنوب تشكل مساحة واسعة و نفوذ عسكري يتبع ولائه للشرعية في الجنوب.

‏و اعلاميا شاهدنا جميع كيف القنوات الاخبارية نقلت الحدث بطريقة متفق عليها و بصوت واحد و من منطلق واحد هي عودة مؤسسات الشرعية لعمل من أرض حضرموت و حاضرة الوادي و الصحراء سيئون (الجنوبية) و تحت حماية سعودية و هي رسالة لا تحمل الشك ولا بها ريب ولا تلبيس و ليفهمها من به صمموا.

‏وان اختاروا عدن بدلا عن سيئون فمن يستطيع إذا ما قررت السعودية دخول نفس اللواء الى عدن لحماية انعقاد البرلمان اليمني في المعاشيق؟

لا أعتقد ان تغريدات في فن ربط الأحزمة و من نوعية القادم مدهش و سوف و ينبغي و واسلامااه، سوف يكون لها اي صدى سوى مزيدا من الإحباط و الكراهية و زيادة الاحتقان الهوائي المغتر بالقوة
‏على الأرض.

مع اننا لو نظرنا لهذه القوة بكل ما فيها سوف نجدها تستلم رواتبها من دول التحالف و هي من تحركها حسب ما تراه متاحا، و بمساحة مناورة حددت لها سابقا ونتائج احداث المعاشيق يناير 2018م اكبر دليل على ترويض من يخرج عن هذه المساحة.

دائما مع كل صدمة تجد الغالبية من الجنوبيين يتخذوا قرارات عاطفية متناسين الأشخاص الذين وضعونا في هذه الصدمة، لا يهم من نكب وضعنا الحالي، المهم ننادي ( اعيدوا الجنوبيين من الحديدة) و كأننا صدقنا بأنهم ذهبوا بأمر المجلس الانتقالي وليس من التحالف العربي.

‏نعود للسؤال في اول المقال و هي موضوعنا الاساسي وهي شرعية هادي و عند كل إنعقاد للمجلس الانتقالي يتكرر على مسامعنا عبارة  إحترام هذه الشرعية و عدم المساس بشخص الرئيس هادي، وهذا يجعلنا نتساءل هل فعلا المجلس الانتقالي يدرك ماهية العبارات السياسية و الرسائل التي يرسلها ضمن هذا الخطاب المتناقض على الواقع.

‏من الضروري فهم متطلبات العمل السياسي و المصالح الدولية و الدول المهيمنة على المشهد الاقليمي و تغيير رؤيتها و مصالحها و محاولة تقليل خسائرة او المحافظة على مكاسبة أمام هذا الطوفان من التغييرات السياسية في المشهد العربي.

‏اين يقف المجلس الانتقالي اليوم و مع من ؟ و ماذا يريد و ما هو الممكن له ان يفعله و ما هي المساحة التي أعطيت له ليناور بها حول قضيته و هل طريقة المحسوبين عليه و تضخيم الواقع بالمديح التويتري او محاولة الظهور بمظهر القوي على شرعية مع تكرارهم يوميا و اعترافهم بها و بنفس الوقت يظهر بشكل تابع وفي تحت أمر الدول التي ترعى هذه الشرعية.

‏و هنا يجب ان نسئل هل تقديم الإنتقالي نفسه كبديل عن شرعية مسيطر عليها من الإخوان و حليفا مستقبليا يسلمها لجام انفسنا بيدها متى ما اطلقوه ضد أعدائهم!! هو الخيار الامثل للجنوب و قضيته؟ و من يعرف أعداء التحالف بعد 4 سنوات؟! .

لا اظن ان دول التحالف العربي و على رأسها السعودية لا تعلم ماذا نريد او الى ماذا نسعى كجنوبيين و ماهو هدف الانتقالي لنقدم نفسنا لها كبديل غير مقنع، ‏بصراحة نستطيع ان نقول انه غير وارد حاليا في خطتها في الحرب ضد الحوثي او رؤيتها لمستقبل المنطقة و اليمن خصوصا.

المجلس اليوم يدور في حلقة مفراغ و رغم تحققه مكاسب ولكنها لا ترتقي لان تكون مكاسب سياسية بسبب الوعود و التضخيم المتعمد لتحركات الساسة التي قد تكون مفيده على المدى البعيد ولكن ليست كما صورت لنا من بعض من يدعون قربهم من المجلس و يتحدثون بأسمه.

‏ان اعضاء المجلس المهمين الجادين في العمل السياسي بشكل عام يجب ان يعيدوا تقييم كل خطوة يقومون بها و يعرفوا مدى تاثيرها عليه و مدى فاعليتها و امكانية تطويرها، وان لا يكون مجرد رد فعل دائما، و ان كان فمن الأفضل ان يكون الرد بالصمت خصوصا إذا كان في الفم ماء كثير و تعلمون من الامور ما لا يعلمه غيركم.

كان من الضرورة ان و‏ضعوا رؤية واضحة غير مبنية على تناقضات شعبوية و رغبة الجماهير العريضة التي تسعى خلفها أملا في تحقيق ما تريدوه و يرده جميع الجنوبيين، و تحويل فشلك السياسي على صحفي او صاحب رأي استطاع بالكلمات منطقية نتيجة تناقضاتكمو زعزعة إستقرار الأوهام التي يبنيها بعض الساسة ليل نهار على مواقع التواصل لشعب متعطش للاستقلال.

كان الأولى ‏ان تكون هناك مصارحة للشعب بحقيقة موقف المجلس من شرعية هادي و ما تمثله تلك الشرعية لان المصطلحات و التعريفات قد تتغير بتغير صاحب هرم السلطة و لن يبقى الاعتراف بكيان مع تغيير الأشخاص لان الكيان سوف يبقى طالما معترف به من المجتمع الدولي.

‏و في تلك الحالة سوف تصنف كمتمرد او منقلب او فصيل خارج عن الشرعية في عرف المجتمع الدولي و إن كان هذا المجتمع يعلم ما تريده من البداية  ... ضبط العلاقات مع التحالف ليست أمر مبني على علاقة شخصية مع قيادي او ثقتها من الاخر او تقديم طبق من الولاءات المنزوعة منك بحكم الواقع.

‏اليوم نحن نعترض على اقامة البرلمان في سيئون ام نعترض على إقامته من الاساس؟
اغلبا الاجابة سوف تتجه الى سيئون!!
اذا ليس لدي المجلس مانع من اقامة البرلمان كمؤسسة شرعية تدعم الرئيس هادي؟
كان من الحصافة طالما بعرف الانتقالي حدود مكانتنا مع التحالف ان يتعامل مع الموضوع بطريقة اكثر مرونة مما ظهر بها.

‏و ان يكون واقعي (براغماتي) طالما انه يعلم من الأساس، أن ليس لديه سلطة على منع اقامة البرلمان في سيئون و طالما لم يقم في عدن معقل الرأس.. كان استطع توصيل رسالة بأنه برغم رفضه لإقامة البرلمان في (سيئون) و لكنه أيضا يدعم أي خطوة لتقوي شرعية الرئيس هادي.

‏التي يتغنى بها و يكررها لفظيا على الاقل في اغلب خطاباته عند كل إجتماع و آخر و تحت سقف و راعية التحالف العربي الذي يدعي بأنه شريك معه و الذي هدف التحالف الرئيسي فيه هو القضاء على الإنقلاب الحوثي و عودة الشرعية و مؤسساتها لصنعاء.

‏هناك عمل سياسي قطعه المجلس الإنتقالي و شوط كبيرة و انجازات لا يستطيع احد انكارها و لا تغطيتها داخليا ع الاقل و لكن أمام الدول الخارجية و مصالحها تستطيع  تلك الدول تغيير المسميات التي تطلقها على الانتقالي حسب مصلحتها فقط اليوم  قد يقال حلفاء و غدا قد يقال متمردون.

‏واجب كل سياسي جنوبي ان يكون متمكن من أدواته السياسية خصوصا اذا كان يتبوأ منصب قيادي مؤثر و ان يحاول الظهور على قد المكانه التي يتبوأها امام الآخرين و تشكيل وعيهم و تطلعاتهم المستقبلية و ليس ترسيخ سياسة الإتباع الاعمى و الولاء المطلق و الإنصياع بدعوة تحقيق القضية.

‏القضية الجنوبية ليست قضية شخصية لتتحول مجرد انفعالات شخصية و عبارات حماسية و مكاسب سياسية خاصة..
هناك العديد من المكونات الصغيرة التي يمكن التعلم منها و من الاختلاف معا و ان تباينة الآراء حول قضية فرعية فيمكن حلها حسب المتاح، و ليس بالتخوين الاستباقي و التشكيك و التطبيل.

‏ختاما شرعية هادي ليست بعبع نخاف التعامل معه و نحن ندعي و ندعو لتعامل معه، هذا الخطاب المتناقض يجب ان يحسم أمام الناس لك لا تنفرط الأمور ..الجميع اليوم أتى من تحت شرعية هادي و منهم من خرج منها و منهم من بقى فيها، ‏المقياس في التعامل مع من بقى هو مواقفهم من القضية فقط، و الاستفادة قدر المستطاع من تواجدهم فيها من اجل تقريب وجهات النظر او بوابة خلفية يوما ما تكون منفتحة بين الجانبين.

السياسة فن الممكن..
وليست منبر لأحكام سماوية..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق