الثلاثاء، أغسطس 11، 2009

هل نزل الإسلام من أجل تغطية شعر المرأة؟

مقالة جيده أرجو قراءتها جيدا قبل أن تتحمس في الرد عليها لـ: د. علاء الأسواني كتبها لصحيفة الدستور المصرية:

في العام الماضي هاجم الوزير فاروق حسنى الحجاب فوقف أعضاء الحزب الوطني في مجلس الشعب يدافعون بضراوة عن الحجاب والمحجبات

و بلغ الحماس بأحدهم أن صاح في وجهه فاروق حسنى ( أنت فتنة على الإسلام ) ثم سقط مغشيا عليه من فرط الانفعال... ووجدتني أتساءل: إذا كان ممثلو الحزب الحاكم يحرصون على الإسلام إلى هذا الحد.. ألم يفكروا قط في أن تزوير الانتخابات  و اعتقال الأبرياء وتعذيبهم وهتك أعراضهم. و نهب أموال المصريين و إفقارهم...

 و غيرها من الجرائم التي يرتكبها النظام الذي يمثلونه لا يمكن أن تتفق مع مبادئ الإسلام..

من المعروف أن كثيرا من ضباط أمن الدولة ملتزمون دينيا. يؤدون الصلاة في أوقاتها ويصومون ويحجون إلى بيت الله .. لكن ذلك لا يمنعهم أبدا من ممارسة عملهم اليومي في التعذيب والضرب واستعمال الكهرباء في صعق المعتقلين....

 في نفس السياق تربطني علاقة مصاهرة بسؤل بارز في الحكومة أشتهر بتزوير الانتخابات والاعتداء على استقلال القضاء وهو معروف في محيط الأسرة بتدينه العميق حتى إنه يعطى أقاربه دروسا في الفقه...

الأمثلة لا تحصى : كثير من المصريين يؤدون فرائض الدين بإخلاص لكنهم في حياتهم اليومية يتصرفون بطريقة أبعد ما تكون عن الدين .... في شهر رمضان الماضي نشرت جريدة المصري اليوم تحقيقا ممتازا عن المستشفيات العامة ساعة الإفطار.

 لنكتشف أن معظم الأطباء يتركون المرضى بدون رعاية حتى يتمكنوا من أداء صلاة التراويح .

الذين يفعلون ذلك ليسوا جهلاء بل هم أطباء متعلمون لكنهم ببساطة يعتبرون أن صلاة التراويح أهم بكثير من رعاية المرضى حتى ولو كانت حياتهم في خطر.

المسألة إذن . ليست مجرد نفاق أو جهل .. وإنما هي وعى فاسد بالدين يؤدى إلى نوع من التدين الظاهري الذي يشكل بديلا عن الدين الحقيقي .

 و هذا التدين البديل مريح وخفيف ولا يكلف جهدا ولا ثمنا لأنه يحصر الدين في الشعائر والمظاهر.

فالدفاع عن مبادئ الإسلام الحقيقية: العدل والحرية والمساواة. مسألة محفوفة بالمخاطر في مصر ستؤدى بك حتما إلى السجن وقطع الرزق والتشريد .

 أما التدين البديل فلن يكلفك شيئا: وهو يمنحك إحساسا كاذبا بالطمأنينة والرضا عن النفس.

الذين يتبنون التدين البديل يصومون ويصلون ويحيون الناس بتحية الإسلام ويلزمون زوجاتهم وبناتهم بالحجاب والنقاب. وربما يشتركون في مظاهرة ضد الرسوم الدنمركية أو منع الحجاب في فرنسا أو يكتبون إلى بريد الأهرام منددين بالكليبات العارية .. وهو يعتقدون بعد ذلك أنهم قد أدوا واجبهم الديني كاملا غير منقوص .

 و هم لا يكترثون إطلاقا للشأن السياسي ولا يهتمون بموضوع التوريث..بل أن بعضهم لا يرى بأسا في أن يورث البلد من الأب إلى الابن وكأنه مزرعة دواجن.

المتدين البديل لا يعتقد أساسا أن له حقوقا سياسية كمواطن وفكرة الديمقراطية لا تشغله وأقصى ما يفعله بهذا الصدد أن يدعو الله ( أن يولى علينا من يصلح ). ثم يحدثك بحماس عن عظمة الخلفاء العظام مثل عمر بن الخطاب أو عمر بن عبد العزيز.

 التدين البديل مرض محزن أصاب المصريين فأدى بهم إلى السلبية والغفلة . وجعلهم قابلين للاستبداد والقمع ..

 و لم تكن هذه طبيعة المصريين. فمنذ 1919 وحتى عام 1952 خاضت الحركة الوطنية المصرية بقيادة حزب الوفد نضالا عنيفا وقدمت آلاف الشهداء من أجل طرد الاحتلال البريطاني وتحقيق الديمقراطية.

و الحق أن انتشار التدين البديل له أسباب عديدة : فحتى نهاية السبعينات كان المصريون . مسلمين وأقباطا أقل اهتماما بمظاهر الدين وأكثر تمسكا بمبادئه الحقيقية.

 حتى جاء أنور السادات الذي أستعمل الدين لترجيح كفته السياسية ضد اليسار المعارض . ثم اندلعت الثورة الإيرانية لتشكل تهديدا حقيقيا للنظام السعودي المتحالف مع الفكر السلفي الوهابي .

و على مدى ثلاثة عقود أنفق النظام السعودي مليارات الدولارات من أجل نشر الفهم السعودي للإسلام الذي يؤدى بالضرورة إلى التدين البديل .

 ( و كل من يجادل في هذه الحقيقة عليه أن يراجع التناقض الفاحش بين المظهر والجوهر في المجتمع السعودي ).

 و في القنوات الفضائية السعودية يظهر يوميا عشرات المشايخ الذين يتكلمون على مدى 24 ساعة عن تعاليم الإسلام  . و لا يتكلم أحد منهم أبدا عن حق المواطن في انتخاب من يحكمه. أو قوانين الطوارئ والتعذيب و الاعتقالات.

الفكر السلفي يؤسس للتدين البديل الذي يريحك من تبعات اتخاذ موقف حقيقي من أجل العدل والحرية, بل إن بعض الدعاة الجدد يفخرون ويفخر أتباعهم بأنهم قد نجحوا في إقناع فتيات كثيرات بارتداء الحجاب, وكأن الإسلام العظيم قد نزل من عند الله من أجل تغطية شعر المرأة وليس من أجل العدل والحرية والمساواة, على أن النظام الاستبدادي في مصر قد حرص دائما على انتشار التدين البديل .

 فالمتدين البديل هو المواطن النموذجي في عرف الحاكم المستبد.

لأنه يعيش ويموت بجوار الحائط . دائما في حاله لا يعترض أبدا على الحاكم.

 و يقصر اعتراضاته إما على ما يحدث خارج مصر أو على أشياء لا تزعج النظام في شيء.كرقصة أدتها دينا أو فستان ارتدته يسرا في فيلم لها (( مجموعة من المنديين البدلاء ينشطون الآن بحماس على النت من أجل توقيع عريضة إدانة للمغنى تامر حسنى لأنه نظر إلى جسد بطلة فيلمه الجديد بطريقة غير لائقة )) ....

النظام يرحب تماما بالتدين البديل لأنه يعفيه من المسؤولية .

 ففي عرف الإسلام الحقيقي يكون الحاكم المسئول الأول عن مشاكل المواطنين في بلاده, أما المتدين البديل فعندما يعانى من الفقر والبطالة لن يفكر أبدا في مسؤولية الحاكم عن ذلك بل سوف يرجع ذلك إلى أحد احتمالين :

 إما أنه قد قصر في العبادة ولذلك فإن الله يعاقبه..

و إما أن الله يختبره بهذا الشقاء فعليه أن يصبر ولا يعترض.

إن شهداء نظام مبارك الذين فاقوا في عددهم شهداء كل الحروب التي خاضتها مصر: ضحايا القطارات المحترقة والعبارات الغارقة والعمارات المنهارة ومرضى الفشل الكلوي والسرطان بفضل مبيدات يوسف والى وغيرهم.......... كل هؤلاء في نظر الإسلام الحقيقي ضحايا الفساد و الاستبداد والحاكم مسئول مباشرة عن موتهم وتشريد أسرهم. أما التدين البديل فيعتبر هذه المآسي جميعا من القضاء والقدر لا أكثر... ويعتقد أن هؤلاء الضحايا قد انتهت أعمارهم وبالتالي كانوا سيموتون في كل الأحوال..فلا معنى إذن لأن نلوم أحدا باعتباره متسببا في موتهم..إن الإسلام العظيم قد دفع بالمسلمين يوما لكي يحكموا العالم ويعلموا البشرية الحضارة والفن والعلم, أما التدين البديل فقد أدى بنا إلى كل هذا الهوان والشقاء الذي نعيش فيه, إذا أردنا أن نغير واقعنا علينا أولا أن نتبنى منهج الإسلام الحقيقي وليس التدين الظاهري بديلا عنه

 



أكثر من مجرد بريد Windows Live™ سيمنحك المزيد أكثر من مجرد رسائل

هناك تعليق واحد:

  1. BGHITE NAFHAME 3LACHE MAROC DA2IMANE KHASRAFI FOOTBALL

    ردحذف